أنت هنا

ذمار، المحويت، اليمن-مرتين كادت "هائلة" أن تسقط من على الدراجة النارية المستأجرة التي تستقلها إلى المركز الصحي من أجل الولادة. تسبب انعدام المشتقات النفطية بارتفاع أسعار تكاليف المواصلات كما أن النقود التي جمعها زوجها حميد من عمله في السعودية لم تكن كافية. لهذه الأسباب انتهى المآل بهائلة بأن تنتقل على متن دراجة نارية يقودها شقيق زوجها والذي قام بشدها إلى جسده حتى لا تسقط.

 

وفي اثناء السفر من قرية نائية في محافظة ذمار، عانوا مشقة تعرجات الطريق الوعر لأكثر من 20 كيلومتر.  تتذكر هائلة البالغة 30 عاماً ذلك بالقول: " لقد ايقنتُ أنها النهاية، لم يكن هناك أي فرصة للنجاة لي ولطفلي." "لكن كان عليا أن أصمد، لم أستطع البقاء في المنزل بسبب الخطر الكبير من التعرض للنزيف الحاد أو الموت. "

خلال تسع سنوات من زواجها، فقدت "سبأ" البالغة 29 عاماً من محافظة المحويت حملها مرتين بسبب انعدام رعاية الطوارئ التوليدية في قريتها الصغيرة التي لايوجد مستشفى أو صيدلية بالإضافة إلى افتقارها الحاد لمياه الشرب النضيفة. استطاعت سبأ المحافظة على حملها هذه المرة بمساعدة قابلة اجتماعية مدعومة من صندوق الأمم المتحدة للسكان-المزود الوحيد لأدوية صحة الأم في البلد- قامت بتشخيصها واعطائها أدوية رعاية الأم.

في الشهر السابع من الحمل، ظهرت لدى سبأ علامات الإرهاق. تقول:" حاولت أكثر من مرة الذهاب إلى المستشفى والواقع على مسافة 25 كيلومتر، لكني لم أستطع بسبب عدم امتلاك المال." ومع اقتراب نهاية حملها، بدأت معاناة سبأ من النزيف والألم الحاد. " أكثر ماكنت خائفة منه هو أن عدد من نساء قريتي فقدت حياتهن وحياة مواليدهن بسبب عدم وجود الرعاية الصحية أو في طريقهن إلى أقرب مستشفى."

عندما أوشكت سبأ على الولادة، طلب زوجها سعيد من كل شخص في القرية لديه سيارة بأن يستلف تلك السيارة لنقل سبأ إلى المستشفى. " يقول سعيد:" لا أحد منهم استطاع مساعدتي بسبب النقص الحاد في المشتقات النفطية." "ذهبت إلى السوق السوداء بكل ما لديا من مدخرات واشتريت 40 لتراً من البنزين بسعر باهض جداً، كل 20 لتر بأكثر من 70 دولار."

نظام صحي منهار

تموت امرأة كل ساعتين هنا اثناء الولادة. واحدة من بين كل ثلاث نساء يرغبن في استخدام وسائل تنظيم الأسرة لا تستطيع القيام بذلك. وست من بين كل 10 ولادات تتم دون وجود قابلة صحية مؤهلة.

تسببت سبع سنوات من الصراع بأن يجثو النظام الصحي على ركبتيه. تعمل فقط خسمين بالمائة من المرافق الصحية في البلد، واثنين فقط من كل 10 مرافق صحية عاملة تقدم خدمات الأمومة والطفولة الصحية.

في العام 2021، دعم صندوق الأمم المتحدة للسكان 127 مرفق صحياً إلا أن انعدام التمويل سوف يُجبر الصندوق على اغلاق نصف هذه المرافق بنهاية الشهر ما سيضع حياة 1.3 مليون من النساء في خطر كبير يشمل ذلك 17,000 ألف من النساء قد يفقدن حياتهن نتيجة مضاعفات اثناء الولادة. وبحسب تقرير حديث، تعاني نحو  1.3 مليون من النساء الحوامل والرضع من سوء التغذية الحاد.

يحتاج صندوق الأمم المتحدة للسكان لـ100 مليون دولار كتمويل لتقديم خدمات الصحة الإنجابية والحماية للنساء والفتيات بحلول نهاية 2022. إلى الوقت الراهن، لم يتلق صندوق الأمم المتحدة للسكان سوى 15 مليون دولار من هذا التمويل المطلوب. تقوم استجابة الصحة الإنجابية لصندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن على دعم وتمويل من الاتحاد الأوروبي، كندا، الوكالة الامريكية للتنمية الدولية، جمهورية كوريا والصندوق المركزي للاستجابة الطارئة التابع للأمم المتحدة.

في نهاية الرحلة، بدايات جديدة

عندما وصلت "هائلة" إلى مركز الحدقة الصحي المدعوم من صندوق الأمم المتحدة للسكان وبتمويل من جمهورية كوريا، تم نقلها فوراً إلى رفة العمليات.

تقول الطبيبة المعالجة: " لقد وصلت "هائلة" إلينا في أخر لحظة، لقد كانت وطفلها على وشك الموت. لقد نجحت العملية وطفلها الآن في الحاضنة وحالة هائلة مستقرة."  وتضيف: " الخدمات الطبية المجانية التي نقدمها هي الأمل الوحيد للنساء مثل "هائلة"، ولا أستطيع تخيل كم من النساء وأطفالهن سوف يموتون إذا توقفت هذه الخدمات."

مستشفى الخبت الذي تم تحويل “سبأ" فيه مباشرة من غرفة الطوارئ إلى غرفة العمليات ايضاً مدعوم من صندوق الأمم المتحدة للسكان وبدعم من جمهورية كوريا.  عندما أخذ سعيد الطبيبة جانباً ليوضح لها انه لا يمتلك اية نقود، تم تطمينه أن كل شيء مجاني العملية القيصرية والمعالجة والأدوية.

تقول سبأ التي انجبت طفلها الذكر:" كانت هذه هي المرة الأولى التي اتلقى فيها رعاية الطوارئ التوليدية. أتمنى أنها كانت متوفرة من قبل، وأتمنى أن كل النساء في قريتي يستطعن الوصول إلى هذه الخدمات، وأن تستمر هذه الخدمات كذلك."

بالنسبة لهائلة فقد أنجبت طفلة أسمتها "أمل" وقالت:" لقد كدنا نفقد معنى الأمل بسبب الحرب الملعونة التي قلبت حياتنا إلى مأسآة." لكن العائلة لم تفقد طفلتها أو التي يعني اسمها "الأمل".