أنت هنا

مديرية المفتاح، محافظة حجة، اليمن – في السادسة عشرة من عمرها، كانت ذكرى عبيد بمثابة فم آخر يجب أن تطعمه أسرتها الفقيرة، لذلك قاموا بتزويجها لأحمد، وهو جامع حطب يكبرها بخمسة عشر عاماً. في التاسعة عشرة من عمرها، أصبحت حاملاً بطفلها الأول، لكنهما بالكاد كانا قادرين على تحمل تكلفة شراء الطعام من راتب أحمد الذي يبلغ أقل من 5 دولارات شهرياً في بلد يمزقه النزاع وتتفشى فيه البطالة.

أوضح أحمد قائلاً: "أصبح تأمين الغذاء أكثر صعوبة مع استمرار تضاعف أسعار السلع الأساسية المنزلية". "كنت لا أستطيع النوم، وأتساءل: هل ستهلك أسرتي بسبب نقص الطعام؟"

طوال أشهر حملها التسعة، تناولت السيدة عبيد الطماطم والبطاطس فقط، مما أدى إلى إصابتها بفقر الدم وسوء التغذية الحاد. بحلول الوقت الذي كانت فيه على وشك الولادة، كان وزنها 40 كيلوغراماً (حوالي 88 رطلاً).

تأثير مضاعف يهدد الحياة

تتسع تداعيات الحرب في أوكرانيا لتصل إلى مناطق أبعد، لآلاف الأميال وإلى القارات بعيداً عن صفارات الإنذار التي تُطلق خلال الغارات الجوية ونيران الأسلحة الثقيلة التي أصبحت جزءاً من الموسيقى التصويرية اليومية.

تعد أوكرانيا وروسيا من بين مناطق إنتاج الحبوب على كوكب الأرض، حيث تزودان العالم بما نسبته 30 بالمائة من القمح و 20 بالمائة من الذرة. كما توفران أيضاً ثلاثة أرباع إنتاج عباد الشمس وثلث إنتاج الشعير. في تقرير لبرنامج الأغذية العالمي، فإن ما يُقدر بنحو 13.5 مليون طن من القمح و 16 مليون طن من الذرة لا تزال عالقة هناك.

من بين 52 دولة من المرجح أن تشهد زيادة في انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر الستة المقبلة، توصف 18 دولة بأنها "مرتفعة" من حيث الشدة، بما في ذلك أفغانستان وسوريا وكينيا. تستورد سبع دول – من بينها لبنان والسودان – أكثر من 50 بالمائة من احتياجاتها من القمح من أوكرانيا أو روسيا، "ومن المرجح أن تكون أول الدول التي تعاني من تداعيات الأزمة من حيث أسعار الغذاء و / أو نقص الغذاء". على المدى الطويل، سترتفع أسعار الغذاء العالمية بشكل أكبر نتيجة للدور الذي تلعبه روسيا باعتبارها منتجاً رئيسياً للأسمدة اللازمة لزراعة المحاصيل.

وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، فإن 276 مليون شخص على مستوى العالم يعانون بالفعل من انعدام الأمن الغذائي الحاد؛ سيرتفع هذا العدد بمقدار 33 مليون شخص إضافي في 81 بلداً إذا انتهت الحرب في غضون الشهر. بعد أبريل، يرتفع هذا العدد إلى 47 مليون شخص إضافي يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد. في كلا السيناريوهين، تكون أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى هي الأكثر تضرراً. ارتفعت تكلفة سلة الغذاء، خاصة في إثيوبيا (بنسبة 66 بالمائة)، حيث يعاني حوالي 6.5 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفي الصومال (بنسبة 36 بالمائة)، حيث يعاني أكثر من 6 ملايين شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2015، اعتمد معظم سكان البلاد على المساعدات الغذائية الإنسانية. يستورد اليمن أكثر من نصف احتياجاته من القمح من أوكرانيا وروسيا، والأسعار آخذة في الارتفاع. في الفترة بين منتصف فبراير ومنتصف مارس، شهدت أسعار سلعتين أساسيتين ارتفاعاً حاداً: زيت الطهي بنسبة 36 بالمائة ودقيق القمح بنسبة 11 بالمائة.

في هذا العام، سيحتاج نحو 19 مليون شخص (59 بالمائة من السكان) – ما يُقدر بنحو 1.3 مليون امرأة من النساء الحوامل والمرضعات اللاتي يعانين بالفعل من سوء التغذية الحاد – إلى مساعدات غذائية.

مستقبل مجهول

بحلول الوقت الذي دخلت فيه السيدة عبيد مرحلة المخاض قبل موعد ولادتها ببضعة أسابيع، كانت تعاني من الإغماء المستمر. كانت أيضاً أضعف من أن تتحمل آلام تقلصات المخاض. تكلفة النقل إلى مستشفى بني شماخ، الواقعة على بعد 30 كيلومتراً، بلغت 66 دولار، وكان عليهم اقتراضها من أحد الجيران. قالت أرزاق، التي تعمل قابلة: "عندما دخلت ذكرى، كنت خائفة – كانت منهكة وضعيفة وفي حالة حرجة".

تقول السيدة عبيد نفسها: "كنت على يقين أنني لن أعيش. في طريقي إلى المستشفى، لم أعد أشعر بنفسي. لم أكن أسمع سوى صدى صوت زوجي".

على الفور، باشر فريق الطوارئ التوليدية عمله، واكتشف أن الحبل السري كان ملتفاً حول عنق الطفل، الذي كانت نبضات قلبه تتباطأ. قالت طبيبة التوليد وأمراض النساء الدكتورة هديل: “مرت ذكرى بمخاض صعب. "كان الجنين ضعيفاً بسبب سوء التغذية خلال فترة حملها، الأمر الذي يؤدي إلى إبطاء نمو الجنين بشكل كبير ويزيد من فرص ولادة جنين ميت".

قام الفريق الطبي في المرفق الصحي، الذي يحظى بالدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان وبالتمويل من الاتحاد الأوروبي، بتوليد طفل رضيع يزن 2 كيلوغرام (4.4 رطل)، لكن السيدة عبيد بدأت تنزف بشدة. قالت لها قابلة أخرى تدعى وفاء: "ستعيشين وستربين طفلك بنفسك. لن نخسرك اليوم".

بينما تشعر السيدة عبيد بالامتنان لنجاتها هي ومولودها الجديد، فإن المستقبل يثقل كاهلها. قالت: "تربية طفل في مثل هذا الوضع الكارثي تشكل عبئاً آخر على كاهلنا. في بعض الأحيان لا نعرف من أين ستأتي الوجبة التالية. آمل أن تتحسن الأمور قبل أن يفرد الجوع جناحيه".