أنت هنا

حضرموت، عمران، المحويت- اليمن - همسة * امرأة نازحة وصلت تعاني من ولادة متعسرة إلى مركز ميفع للأمومة والطفولة بمحافظة حضرموت، والمعروف بتقديم خدمات الطوارئ التوليدية مجاناً، لتكتشف عدم وجود الطاقم الطبي وتوقف خدمات التوليد.

وعندما كانت رئيسة جاهزة لإنجاب طفلها الأول، توجهت إلى مركز الضبر الصحي في محافظة عمران، لكنها وجدت ابواب المركز مغلقة ولم تعد كما كانت مفتوحة على مدار الساعة بسبب عدم وجود الكادر الطبي. اشتدت آلام رئيسة مع مرور الساعات بينما تعجز عائلتها عن تحمل تكاليف نقلها إلى مستشفى آخر.

وعندما تم نقل أمة* وهي في حالة حرجة إلى مستشفى الخبت بمحافظة المحويت، أدركت أيضًا أن رعاية الطوارئ التوليدية التي كانت تعول عليها قد اختفت – وكانت ساعات ثمينة تفصلها عن أقرب مستشفى يمكن أن ينقذ حياتها وحياة طفلها.

شحة التمويل

يعتبرصندوق الأمم المتحدة للسكان هو المزود الوحيد لأدوية الصحة الإنجابية ويقود تقديم خدمات الصحة الإنجابية في اليمن. إلا ان نقص التمويل أجبر الصندوق على تقليص عملياته الإنسانية بنسبة 25 في المائة منذ بداية العام. (تم تمويل 13 في المائة فقط حتى الان من 100 مليون دولار اجمالي التمويل المطلوب).

خلال عام 2021، وصل صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى 1.6 مليون امرأة وفتاة بخدمات الصحة الإنجابية التي ساعدت في 151,000 حالة ولادة آمنة وفي تجنب 344,000 حالة حمل غير مقصود من خلال دعم 127 مرفقاً صحياً ودفع حوافز لـ 2,065 عاملاً صحياً.

إلا انه كان على صندوق الأمم المتحدة للسكان إعادة ترتيب الأولويات ليدعم حاليًا 98 مرفقًا صحيًا وأربعة فرق طبية متنقلة للصحة الإنجابية بمساهمات من كندا، والصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ، والاتحاد الأوروبي، وهولندا، وصندوق قطر للتنمية، ومكتب المساعدات الإنسانية التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وصندوق اليمن الإنساني.

النساء الحوامل يدفعن ثمناً باهضاً

في مديرية ميفع، اضطرت همسة ان تطلب المساعدة من قابلة توليد تقليدية في المنزل. لم تدرك القابلة التقليدية أن همسة بحاجة إلى عملية قيصرية، وعندما بدأت تنزف بغزارة، نُقلت إلى أقرب مستشفى في مدينة المكلا على بعد 130 كيلومترًا. هناك تمكن الفريق الطبي من إنقاذ حياة همسة لكنها فقدت طفلتها الوليدة.

وبالنسبة لمركز الضبر الصحي حيث حاولت رئيسة الحصول على الرعاية استمر فقد كان يقدم خدمات الرعاية الصحية الإنجابية مجاناً منذ العام 2018 بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان لطبيبة وقابلة مدربة. كان المركز يستقبل ما يصل إلى 30 حالة يوميًا ليتراجع العدد الى حالتين في اليوم بعد أن بدأ المركز بفرض رسوم (فوق قدرة الناس على الدفع) على الخدمات والأدوية. ولم تسجل العيادة أي حالة وفيات أمهات اطلاقاً الى الوقت الذي قلصت فيه ساعات عملها من 24 ساعة الى خمس ساعات في اليوم. وتوقفت العيادة التي فقدت الأخصائيين العاملين فيها عن تقديم فحص التشوهات الخلقية وتوفير حاضنات ما بعد الولادة وإجراء العمليات الجراحية وذلك نتيجة انعدام الوقود الذي كان يتسبب بقطع التيار الكهربائي في منتصف العملية الجراحية.

اما رئيسة فقد اضطرت ان تذهب إلى قابلة نصحتها بأن حالتها الحرجة تستدعي نقلها الى المستشفى. لكن وبسبب عدم امتلاكها للمال من اجل المواصلات، ذهبت رئيسة إلى قابلة ثانية، لكنها القابلة اخبرتها أيضًا أنها بحاجة إلى رعاية طارئة. لكن قبل ان تصل الى المستشفى، فارقت رئيسة البالغة من العمر 32 عاماً الحياة وبقت طفلتها الوليدة على قيد الحياة.

نظام صحي متهالك

لاتزال نصف مستشفيات فقط تعمل في اليمن، وواحد فقط من كل خمسة منها يقدم خدمات صحة الأم والطفل. ولدى 19 من بين 22 محافظة في البلاد ستة أسرة للولادة لكل 10,000 شخص، وهو نصف المعيار المعتبر لدى منظمة الصحة العالمية. بالإضافة إلى ذلك، يعيش ما يقدر بنحو 42.4 في المائة من السكان على بعد أكثر من ساعة من أقرب مستشفى عام يعمل بطاقة كلية أو جزئية.

تموت امرأة يمنية كل ساعتين أثناء الولادة لأسباب يمكن الوقاية منها بشكل شبه كامل. وتحتاج حوالي 8.1 مليون امرأة وفتاة في سن الإنجاب إلى المساعدة في الحصول على خدمات الصحة الإنجابية بما في ذلك رعاية ما قبل الولادة، وخدمات الولادة الآمنة، ورعاية ما بعد الولادة، وتنظيم الأسرة ورعاية الطوارئ التوليدية ورعاية الأطفال حديثي الولادة. ومن بين هذه النساء، هناك 1.3 مليون امرأة ستلد في عام 2022 من بينهن 195،000 ألف امرأة يتوقع ان يتعرضن لمضاعفات تتطلب المساعدة الطبية المنقذة للحياة.

بحث يائس عن المساعدة

قام الأطباء في مستشفى الخبت بإحالة أمة إلى مستشفى مدينة المحويت الذي يبعد ثلاث ساعات بعدما وجدت العائلة أن مستشفى الخبت أيضًا لم يعد يقدم خدماته الصحية، بما في ذلك بنك الدم.

تتذكر أمة* ما حدث قائلة: "في الطريق، أغمي عليَ، لقد رأيت حياتي كلها تتلاشى أمامي."

أصيب زوجها بالذعر عندما تحولت شفتا زوجته أمل إلى اللون الأزرق وقال: "في اللحظة التي لمستها، شعرت أنها وطفلي سيفارقونني للأبد".

على بعد ساعتين ونصف كان المستشفى الجمهوري في مدينة المحويت، وهو المستشفى الأكبر في المحافظة الذي لا يزال يتلقى الدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان - وكان يمثل الفرصة الأخيرة لأمة التي فقدت وعيها وبالكاد تتنفس. بعد ست ساعات تقريباً من السفر بسبب البنية التحتية السيئة للطرق، نجت الأم وطفلها.

وتختم القابلة أفراح التي ساعدت في ولادة أمة لطفلها بالقول: "الأمر بسيط، عندما تكون الخدمات متاحة بسهولة، يمكننا إنقاذ الأرواح."

* تم تغيير الأسماء لأغراض الخصوصية والحماية