أنت هنا

اليمن / بنغلاديش / أوكرانيا – قالت مولوك لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "منذ بضعة أسابيع، اتصلت بي امرأة حامل في وقت متأخر من الليل وكانت في حاجة ماسة إلى المساعدة. هذه المرأة تعيش في مخيم متقاطع مع منطقة اشتباكات. قررت أن أذهب إليها ليلاً، متسللة سيراً على الأقدام مع أحد أقاربها".

ملوك، قابلة تبلغ من العمر 30 عاماً، تعيش في مأرب، اليمن. منذ أن فقدت زوجها بسبب الحرب الطاحنة في البلاد، قامت بتربية ولديها بمفردها وتعيل أسرتها من خلال العمل في عيادة متنقلة تابعة لصندوق الأمم المتحدة للسكان.

بعد ولادة الطفل بأمان، استذكرت قائلة: "عدت إلى خيمتي، متسللة أيضاً أثناء الليل. سمعت أصوات الرصاص بالقرب مني. كنت أشعر بخوف شديد … العمل في منطقة اشتباكات قد يعني الحياة أو الموت، لكن تقع على عاتقنا المسؤولية الكاملة لإنقاذ حياة الآخرين الذين هم في أمس الحاجة إلينا".

يصادف تاريخ 19 أغسطس اليوم العالمي للعمل الإنساني، وهي مناسبة أصبح الاحتفال بها أكثر أهمية من أي وقت مضى بالنظر إلى العدد المتزايد للأزمات الإنسانية وحدتها في جميع أنحاء العالم. قالت الدكتورة ناتاليا كانيم، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، في بيان بمناسبة هذا اليوم: "يواجه العاملون في المجال الإنساني تهديدات ومخاطر جدية، كثيراً ما تتفاقم بسبب القيود المفروضة على الوصول، وهؤلاء الأشخاص، أبطال كل يوم، بحاجة إلى دعمنا الكامل للعمل بأمان وفعالية".

معظم هؤلاء الأشخاص، أبطال كل يوم، يأتون من مجتمعات متضررة من الأزمات، مثل مولوك.

لا يزال بلدها، اليمن، موقعاً لواحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في العالم، حيث لا يزال نصف مستشفياتها فقط يعمل. انتقلت أسرتها مرة بعد أخرى بحثاً عن الأمان، لكن الخطر لم يكن بعيداً أبداً. ذات مرة، كانت تعمل في إحدى المستشفيات عندما استولى عليها أحد الأطراف المتحاربة.

تحدثت مولوك قائلة: "النزوح عدة مرات والاستمرار في العمل كقابلة جعلني قوية. أنا الآن لا أقدم خدماتي الطبية فحسب، بل أقدم أيضاً الدعم النفسي للمرضى الذين نزحوا مثلي".

مكان يسوده التفاهم

الدعم النفسي هو أيضاً شكلاً من أشكال الإسعافات الأولية في أوكرانيا، حيث قدم صندوق الأمم المتحدة للسكان الدعم لإنشاء مركز يقدم المساعدة النفسية والطبية والقانونية للناجين من العنف المرتبط بالنزاع. يشمل ذلك العنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف الجنسي، الذين كثيراً ما يتزايد حدوثهما خلال أوقات الأزمات.

قالت أولغا ستيفانيشينا، نائبة رئيس الوزراء لشؤون التكامل الأوروبي والأوروبي – الأطلسي في أوكرانيا، عند إطلاق المركز: "الهدف الرئيسي هو منع تعرض الناجين للصدمات مرة أخرى وتوفير بيئة من الثقة".

أولئك الذين عايشوا نزاعات وكوارث غالباً ما يكون بإمكانهم تقديم الخدمات من مكان يسوده تفاهم عميق.

هذا هو حال نور الأمين، الناشط المجتمعي البالغ من العمر 19 عاماً، والذي يعمل على إنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي في مخيم اللاجئين الذي يقيم فيه في كوكس بازار، بنغلاديش.

نجا نور من أعمال عنف مروعة استهدفت مجتمع الروهينجا الذي ينتمي إليه في ميانمار في عام 2017. لكن بالنسبة للكثير من أسر الروهينجا التي هربت إلى مخيمات النازحين، فإن العنف تبعهم مباشرة. مع اقتلاع المجتمعات من جذورها، تهاوت آليات الحماية. تكدّس الكثير من الناس في المخيمات في ظل قدر ضئيل من الخصوصية، وكثيراً ما تنشأ الضغوط والتوترات داخل الأسر. هذه الظروف، إلى جانب معايير النوع الاجتماعي المجحفة، تركت الناس – النساء والفتيات على وجه الخصوص – عرضة لمختلف أشكال العنف.

يعمل نور على وقف هذه الحلقة المفرغة. نور جزء من برنامج أُطلق عليه تسمية SASA!، وهي اختصار لكلمات Start, Awareness, Support and Action أي البدء والوعي والدعم والتحرك، والذي يساعد الناس على الطعن في المعايير التي يرتكز عليها العنف القائم على النوع الاجتماعي.

تم تدريب أكثر من 2,300 ناشط، بما في ذلك قادة المجتمع والزعماء الدينيين من الذكور والإناث على السواء، داخل مخيمات اللاجئين الروهينجا أو بين المجتمعات المضيفة الأكبر حجماً. منذ ديسمبر 2020، وصلوا إلى ما يقرب من 100,000 شخص من خلال رسائل حول المساواة بين الجنسين وإنهاء العنف.

يقول نور: "أن تكون ناشطاً مجتمعياً يعني أن تكون عامل التغيير الذي نرغب في رؤيته في مجتمعنا وفي العالم".

الأمور تتغير

عندما تقع كارثة، قد تنهار مبانٍ وبلدات بأكملها، لكن التضامن – الروح التي تربط بين مجتمعات بأكملها – هو الذي يسود.

على الرغم من أن القابلة اليمنية ملوك أُجبرت على الفرار من منزلها مرة تلو الأخرى، إلا أنها تجد مجتمعاً أينما ذهبت، وتتواصل مع المحتاجين من خلال تعاطفها ورعايتها.

أوضحت ملوك قائلة: "في الأسبوع الماضي فقط، اتصلت بي امرأة [في مرحلة المخاض] من منطقة نائية. عندما وصلت وجدتها على وشك الموت وتعاني من نزيف حاد. لم يكن لديها أي مال ولا أنا أيضاً. لذلك وضعت خاتمي المصنوع من الذهب رهناً لدى الصيدلية مقابل بعض المستلزمات الطبية. لقد أنقذتها من حالة صعبة للغاية".

تفاني وتضحية ملوك لا يأتيان من فراغ. تأتي أفعالها رفقة أفعال الأخصائيين الاجتماعيين والمعالجين والأطباء وسائقي التوصيل وغيرهم الكثير.

تسلط الدكتورة كانيم الضوء على أنهم معاً "يعملون في الخطوط الأمامية لحالات الطوارئ لبناء كوكب أكثر صحة وأماناً وإنصافاً".