صنعاء، اليمن- " كانت الغيوم تملأ السماء، وفجاءة هطلت امطار غزيرة جرفت مخيماتنا بعيداً ومعها كل شيء نمتلكه، وثائق شخصية، بطانيات، طعام، كله تدمر.
صنعاء، اليمن
" كانت الغيوم تملأ السماء، وفجاءة هطلت امطار غزيرة جرفت مخيماتنا بعيداً ومعها كل شيء نمتلكه، وثائق شخصية، بطانيات، طعام، كله تدمر. قبول- ذات الـ 42 عاماً، وهي العائل الوحيد لستة أطفال-عندما اندلع القتال قرب قريتهم مطلع يناير، مع عائلتها بحثاً عن السلامة.
منذ ذلك الحين يعيشون في مخيم الباجة للنازحين بمحافظة الضالع جنوب غرب اليمن. متذكرة ذلك الوصول الصادم الى المخيم، قالت قبول: " تركنا كل شيء خلفنا، لم يكن في حوزتي أي شيء يمكن ان يزودني بأهم ضروريات الحياة كالغذاء والدواء."
لكن ورغم فرارهم من منزلهم وخسارة ممتلكاتهم تعرض الوضع الصعب للعائلة لصدمة أخرى. لقد أضحت هذه العائلة من ضمن عشرات الالاف من النازحين بسبب الصراع المشتعل في اليمن والذي خسروا حالياً مساكنهم وما تبقى لهم من ممتلكات بسبب الامطار الغزيرة التي ضربت مناطق شاسعة من البلاد.
منذ ابريل، دمرت السيول المتدفقة بُنى تحتية هامة شملت الطرقات ومصادر المياه ومراكز الرعاية الصحية. ومن بين ما يقدر بأكثر من 300,000 تضررا بالحالة الطارئة، شكلت النساء والفتيات أكثر من النصف، أكثرهن تعرضن للنزوح لأكثر من مرة ويعشن في حالة ضعف جسدي ونفسي.
مواجهة الازمات
من أجل الوصول الى النازحين المتضررين من السيول، يقود صندوق الأمم المتحدة للسكان ألية الاستجابة السريعة في اليمن بالشراكة مع منظمة اليونسيف وبرنامج الغذاء العالمي. تقوم الفرق بتوزيع الحقائب التي تحوي ملابس للنساء واحتياجات النظافة الأساسية كالصوابين والفوط الصحية وجالونات المياه والطعام الجاهز للأكل. تُصمم كل حقيبة لتغطي الاحتياجات الضرورية لعائلة مكونة من خمسة افراد ولمدة خمس الى سبع أيام للمساعدة في تخفيف محنتهم.
لقد وصفت حياتهم ما قبل النزاع بأنها كانت بسيطة لكنها سعيد، لقد كانت شغوفة بعملها كحائكة ملابس نسائية وكان وزجها محمد يدير محلاً صغيراً لكنه كان ناجحاً لبيع الخضروات. إلا انه ومع اقتراب القتال من قريتهم، أُجبرت الأسرة على الفرار الى محافظة عمران في اقاصي الشمال.
تقول ايمان: " لم أكن املك أي خيار غير بيع آلة الخياطة الغالية عليا لمساعدتنا في دفع أجور النقل. لقد كانت لحظة صعبة، خسرتُ مصدر دخلي الوحيد."
لقد شكل التغير في المكان وفي حياتهم صدمة، فقد أصبحوا فجأة دون عمل، يعانون العزلة ويشعرون بالقلق حول صحة أطفالهم، لم يعد لديهم سقفاً امناً فوق رؤوسهم وهو ما ترك الوالدين الشابين امام خيار مستحيل.
يوضح محمد: " كان عليا ان اقرر بين ان اوفر الطعام لعائلتي او أنفق ذلك المال في منع السيول من ان تغمر منزلنا."
تقول ايمان ان فرق الاستجابة السريعة تمكنت من مساعدتها في لحظة مروعة. وقالت لصندوق الأمم المتحدة للسكان:" لقد جاءت هذه الحقيبة في الوقت المناسب ووفرت لنا الأكل والشرب بعد ان فقدنا كل شيء لدينا. أتمنى ان نعتمد على أنفسنا مرة أخرى في وقت ما.
تعاني النساء والفتيات أقسى التداعيات
بعد نحو ثمان سنوات من الصراع ومع تزايد الكوارث المناخية، هناك حوالي 23 مليون شخص في اليمن بحاجة الى مساعدات إنسانية فوراً. الملايين فقدوا منازلهم وانهار الاقتصاد واختل النظام الصحي.
ومن بين 4.3 مليون نازح في اليمن، تشكل النساء والأطفال أكثر من ثلاثة ارباع. هناك حالياً نحو 1.3 مليون امرأة حامل، 200,000 منهن معرضن لخطر الإصابة بمضاعفات مهددة للحياة ومع ذلك لا يتوفر لهن وصول ملائم الى خدمات-ان وجدت- الصحة الإنجابية.
تم تفعيل الية الاستجابة السريعة التي يقودها صندوق الأمم المتحدة للسكان في أكثر من 100 مديرية في 16 محافظة متضررة من السيول باليمن. منذ منتصف يوليو، تم الوصول الى أكثر من 50,000 شخص بالمساعدات وتم إحالة الالاف منهم لتلقي خدمات الصحة الحماية. الشكر للمساهمات المالية المقدمة من الاتحاد الأوروبي، الوكالة الامريكية للتنمية الدولية وصندوق التمويل الإنساني في اليمن.
ومع ذلك فان تقلص التمويل بشكل كبير سيعني تقليص حتى البرامج الأساسية وهذا يشكل خطراً خاصة للنساء الحوامل والأطفال المواليد والناجين من العنف بسبب انقطاع الخدمات وعدم قدرة طواقم الرعاية من الوصول الى المحتاجين للدعم الفوري. وحتى سبتمبر 2022، تلقى صندوق الأمم المتحدة للسكان فقط ثلث المبلغ المطلوب للتمويل وهو 100 مليون دولار لضمان المساعدة الصحية الإنجابية والحماية لملايين النساء والفتيات في اليمن.
.حصلت ايمان البالغة من العمر 28 عاماً من محافظة الحديدة حقيبتها بعد ان اسقطت الامطار سطح منزلهم المتواضع الى الأرض حيث كانت وعائلتها تأوي اليه هروباً من العنف.