أنت هنا

تعز، اليمن

 

 

"في أحد الأيام، عندما كنت عائدة من وجهة جلب المياه، سقطتُ على الطريق. كنت أنزف بشدة لدرجة أنني عرفت أنني سأفقد طفلي".

 

كانت أم مهرة تبلغ من العمر 31 عاماً وحاملاً في شهرها الخامس عندما اضطرت إلى اللجوء مع أسرتها إلى مخيم نائي للنازحين في تعز، في المرتفعات الجنوبية الغربية لليمن.

 

اندلع النزاع في جميع أنحاء البلاد وسادت موجة جفاف قاسية، مما أدى إلى تفاقم الوضع لملايين الأشخاص الذين فروا بالفعل للنجاة بحياتهم.

 

أوضحت السيدة مهرة، البالغة من العمر الآن 38 عاماً، لصندوق الأمم المتحدة للسكان، وكالة الأمم المتحدة المعنية بالصحة الجنسية والصحة الإنجابية، قائلة: "كنا نأمل أن نجد بعض السلام والأمان، لكن لم يكن هناك شيء من ذلك. كان علينا أن نكافح من أجل كل قطرة ماء، وكل لقمة طعام، وكل نَفَس هواء. كان علينا أن نسير لأميال لجلب المياه – كان الأمر صعباً للغاية".

 

في الأزمات الإنسانية، تواجه النساء والفتيات سلسلة من المخاطر، بدءاً من ارتفاع مخاطر العنف والاستغلال القائم على النوع الاجتماعي وصولاً إلى الزواج القسري وزواج الأطفال والأمراض وسوء التغذية. نقص الغذاء والمياه والوصول إلى الرعاية الصحية، إلى جانب الإفراط في المجهود وارتفاع مستويات الإجهاد، كل ذلك يعني أن حالات الحمل والولادة تكون أيضاً محفوفة بمخاطر إضافية.

 

قالت السيدة مهرة: "كان لدي أربعة أطفال لأعتني بهم. كان زوجي يحاول كسب بعض المال لمساعدتنا ... كنت أعاني من الضعف وسوء التغذية، وعانيت من مضاعفات [الحمل] بسبب نقص الرعاية المناسبة والتغذية السليمة".

 

بعد سقوطها، تم نقل السيدة مهرة إلى عدن، حيث تلقت العلاج في مستشفى الصداقة الذي يبعد ثلاث ساعات، والذي يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان بتمويل من الولايات المتحدة. تقول مهرة: "لقد قاموا بتنظيف رحمي وعالجوني مجاناً".

 

تم إنقاذ حياتها وصحتها الجسدية، ولكن فقدان الحمل طاردها: "لقد فقدت طفلي، وتدهورت صحتي النفسية".

 

من بين حوالي 1,100 شخص في مخيم النازحين، فإن 20 امرأة حامل على الأقل لا تتوفر لهن سوى فرص ضئيلة للوصول إلى الرعاية الصحية أو المياه النظيفة أو الغذاء الكافي. © صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن.

 

عدم المساواة بين الجنسين يؤدي إلى تفاقم الضعف

 

في اليمن، فإن أوجه عدم المساواة بين الجنسين الواسعة النطاق والراسخة تعني أيضاً أنه يتوجب على غالبية النساء البقاء في المنزل لرعاية الأطفال والقيام بالأعمال المنزلية الشاقة. 

 

قالت السيدة مهرة: "عدت إلى المخيم [من المستشفى]، وبعد أيام فقط كان يتعين عليّ معاودة القيام بواجباتي. لم يكن لدي أي خيار. كان عليّ أن أقوم بجلب المياه والطبخ والتنظيف والعناية بأطفالي وأغنامي القليلة المتبقية. لقد تحملت الألم والحزن والخوف واليأس ... لكن كان عليّ البقاء على قيد الحياة".

 

يُظهر بحث حديث أجراه صندوق الأمم المتحدة للسكان أن الظواهر المناخية المتطرفة والكوارث التي تتبعها لها أثر غير متناسب على الصحة النفسية والجسدية للنساء والفتيات والأطفال حديثي الولادة، بما في ذلك القلق، واضطرابات ارتفاع ضغط الدم، والولادات المبكرة وانخفاض وزن المواليد عند الولادة، والمواليد الموتى.

 

اليمن من بين البلدان الأربعة عشر الأكثر عرضة لتغير المناخ: خلال العقد الماضي، تزايدت وتيرة وشدة الظواهر المناخية المتطرفة، والتي تتراوح بين الأعاصير والجفاف والسيول المفاجئة. منذ بداية العام، أدت الكوارث المناخية في اليمن إلى نزوح أكثر من 200,000 شخص، اضطر العديد منهم بالفعل إلى الانتقال عدة مرات، وفقدوا طريقهم لكسب الدخل، إلى جانب فقدانهم أي إمكانية للوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية.

 

بالنسبة للنساء والفتيات، كانت التداعيات واسعة النطاق ومهددة للحياة: لجلب المياه والحطب، على سبيل المثال، قد يضطررن إلى المشي لساعات، غالباً بدون مرافق، تحت أشعة الشمس الحارقة، وفوق أراض خادعة وفي خضم نزاع محتدم.

 

الآثار المضاعفة لتغير المناخ

 

بالنسبة للكثيرين مثل السيدة مهرة، لم يكن الأمر دائماً على هذا النحو.

 

تحدثت السيدة مهرة قائلة: "أنا انحدر من عائلة كبيرة من المزارعين والرعاة الذين عاشوا على هذه الأرض لأجيال. كان لدينا الكثير من الأغنام والأبقار والمحاصيل والأعلاف، وبئراً تزودنا بالمياه النظيفة".

 

"لكن بعد ذلك تغير كل شيء. شحّت الأمطار، ولم نعد نعرف متى نزرع ومتى نحصد. تلفت المحاصيل، وجفت البئر، وتضورت الحيوانات جوعاً إلى أن نفقت".

 

تفاقمت هذه الكارثة بسبب الحرب الوحشية في اليمن، والتي تسببت على مدى ثماني سنوات في تفشي انعدام الأمن والاضطراب الاقتصادي. مع ذلك، فإن الكوارث المزدوجة من هذا النوع، للأسف، ليست نادرة: "الأدلة واضحة على أن تغير المناخ يساهم بالفعل في تزايد النزاعات"، كما تشير اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، التي تعقد هذا الأسبوع قمة لمعالجة مخاطر المناخ.

 

تقول السيدة مهرة: "شاهدنا مصدر رزقنا يختفي. لم نشهد مثل هذه المصاعب في منطقتنا من قبل. أصبحت الأرض قاحلة، وأُصيب الناس باليأس".

 

أدى النزاع في اليمن إلى نزوح أكثر من 4.5 مليون شخص داخل البلاد؛ وترك أكثر من 21 مليون شخص في حاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة. في الوقت نفسه، فإن أزمة المناخ تشدد قبضتها، وتظل حياة الملايين وسبل عيشهم معلقة في ظل توازن هش على نحو متزايد.

 

"لست الوحيدة التي عانت هنا، هناك كثيرون مثلي. نحن ضحايا تغير المناخ والحرب والظلم. لقد فقدنا كل شيء. نحن بحاجة إلى مساعدتكم".