محافظة حضرموت، اليمن – قالت صفية*، وهي شابة من قرية نائية في حضرموت، اليمن: "لقد فقدت طفلتي أمام عيني".
تم ترتيب زواج صفية بمناسبة عيد ميلادها الحادي والعشرين. وبعد عام واحد، كانت حاملاً. وقالت لصندوق الأمم المتحدة للسكان،: "لقد جلبت أخبار الحمل الكثير من الفرح". "كنا متحمسين للغاية لأن نصبح أماً وأباً."
كثيراً ما يتلقى الآباء والأمهات الجدد في جميع أنحاء العالم النصح والمشورة والتوجيه - سواء طلبوا ذلك أم لا - من الأسرة والمجتمع بشأن التعامل مع النجاحات والإخفاقات في رعاية الأبناء. ولسوء الحظ بالنسبة لصفية، كان ذلك يعني الاستماع إلى حماتها (والدة زوجها) قبل شهرين من ولادتها حول ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية (ختان الاناث).
وقالت صفية: "أصرت حماتي على أن ذلك سيسمح لطفلتي أن تعيش حياة "عفيفة". ولكن بدلا من ذلك، سرقت هذه الممارسة المؤلمة ابنتها قبل أن تبدأ حياتها حقا.
بعد ثلاثة أيام من ولادة صفية، زارتها حماتها ومعها أدوات لإجراء عملية الختان (تشويه الأعضاء التناسلية للإناث) للمولودة الجديدة. لكن الطفلة لم تنج. وقالت صفية: “لم يقتل موتها فرحتي بكوني أماً فحسب، بل قتلني ألف مرة”.
الملايين في خطر
في جميع أنحاء العالم، تعرضت نحو 200 مليون امرأة وفتاة لشكل من أشكال تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، وهو انتهاك لحقوق الإنسان ينطوي على إزالة الأعضاء التناسلية الأنثوية أو إصابتها لأسباب غير طبية.
في جميع أنحاء اليمن، فإن واحدة تقريبًا من كل خمس نساء وفتيات تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عامًا هي ناجية من هذه الممارسة وفق بيانات عام 2013. وقد تعرضت الغالبية العظمى منهن لها خلال الأسبوع الأول من الولادة. وفي حضرموت، حيث تعيش صفية، بلغ معدل انتشار تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية لذلك العام 80 في المائة.
هناك عدد من العوامل التي تؤدي لانتشار هذه الممارسة الضارة، بما في ذلك الضغط من أجل الامتثال للمعايير الثقافية المتوارثة والخوف من النبذ في حالة عدم القيام بذلك، والوعي المحدود بأضرارها. ويعتقد الكثيرون في حضرموت أن هذا الإجراء يتم بدافع ديني، على الرغم من وجود أدلة كثيرة تشير إلى عكس ذلك. في كثير من الأحيان تدعم النساء اللاتي تعرضن لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية استمرار هذا التقليد.
لكن صفية، وهي إحدى الناجيات من تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، ضاقت ذرعاً بما يكفي. وعندما حملت مرة أخرى بفتاة، قررت العمل على تجنيب ابنتها هذه الممارسة الضارة.
وقالت: "لمتُ نفسي لأنني لم أفعل أي شيء لإنقاذ ابنتي، وبدأت أتساءل عن سبب مقتلها بهذه الطريقة الوحشية لكونها فتاة".
أصوات مجتمعية ضد الانتهاكات
وبما أن جيران صفية تجنبوا تعريض ابنتهم المولودة حديثاً لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، فقد لجأت صفية إليهم للحصول على المشورة. وقالت الأم لصفية إن زوجها وأصهاره اقتنعوا بالتخلي عن هذه الممارسة بعد زيارة المساحة الصديقة للشباب التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان والاستماع إلى الموظفين هناك حول مخاطر تشويه الأعضاء التناسلية للإناث.
وفقا لدراسة حديثة أجريت في المناطق الساحلية باليمن - بما في ذلك حضرموت - فإن نحو ثلثي النساء ونصف الرجال يفتقرون إلى المعرفة بالضرر الذي يمكن أن يسببه ختان الإناث.
وحث زوج صفية والدته على الحضور إلى المساحة الصديقة للشباب معه ومع صفية. وقالت: "لقد استمعنا ثلاثتنا لأكثر من ثلاث ساعات لتوعية عن العواقب الجسدية والعقلية والاجتماعية لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية. لقد أدركنا مدى ضررها واقتنعنا تماماً بأنه لا ينبغي ممارستها”.
ومن خلال حملات التوعية، يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان واليونيسف على برنامج مشترك لتوعية وحث المجتمعات المحلية في جميع أنحاء العالم على التخلي التام عن هذه الممارسة الضارة. وقد وصلت الحملة الأخيرة في حضرموت إلى أكثر من 400 شخص تم تزويدهم بالمعلومات والإرشادات على مدار ثمانية أيام.
وقالت صفية: "لقد أنقذت حياة ابنتي الثانية. بهذا الوعي، أعتقد أنني أستطيع المساعدة في إنقاذ حياة العديد من الفتيات البريئات."
*تم تغيير الاسم لأغراض الخصوصية والحماية