محافظة حضرموت، اليمن.
"لقد فقدت طفلتي أمام عيني"، تقول صفية*، 22 عاماً، من قرية نائية في محافظة حضرموت.
عندما بلغت صفية 21 عاماً، تم ترتيب زواجها من رجل من قرية ريفية صغيرة في حضرموت، وبعد عام أصبحت حامل.
تحدثت صفية إلى صندوق الأمم المتحدة للسكان قائلة: "لقد جلب خبر حملي الكثير من البهجة لي ولزوجي؛ كنا متحمسين للغاية لأن نكون أبوين للمرة الأولى".
قبل شهرين من الولادة، أخبرتها أم زوجها (حماتها) عن ممارسة ختان الإناث، وهي ممارسة دينية واجتماعية لتطهير الطفل ليعيش حياة أخلاقية، على حد زعم حماتها.
تقول صفية: "كامرأة حامل، لم يكن لدي أي فكرة عن الضرر الذي يمكن أن يلحقه ختان الإناث بالفتيات. ظلت حماتي تصر على أن ذلك سيمكّن طفلتي من عيش حياة أخلاقية".
بعد ثلاثة أيام من ولادة صفية، عادت حماتها إلى المنزل ومعها الأدوات اللازمة لتنفيذ الإجراء.
تضيف صفية قائلة: "أخذت (حماتي) طفلتي التي تبلغ ثلاثة أيام من العمر بين ذراعيها ونفذت الإجراء. كان أكثر مشهد لا يمكن تحمله، حيث كانت طفلتي تُقطع بشفرة حادة".
صرخت طفلة صفية من الألم ونزفت بغزارة. بدأت تختنق؛ وتوفيت في النهاية.
تقول صفية: "لم يقتل موتها فرحتي بكوني أماً فحسب، بل قتلني ألف مرة".
السعي لوضع حد لهذه الممارسة
دخلت صفية في حالة اكتئاب عميق؛ حيث ظل الحزن والندم يتواردان في ذهنها على نحو متكرر.
"بدأت ألوم نفسي على عدم القيام بأي شيء لإنقاذ ابنتي وأسأل نفسي عن سبب مقتلها بهذه الطريقة الوحشية لكونها فتاة".
رافق هذا الشعور صفية لمدة عام، وتفاقم عندما حملت مرة أخرى بفتاة. بدأت تخشى المصير الذي ينتظر طفلتها التي لم تولد بعد. في مقابل ذلك، طلبت صفية المشورة من إحدى جاراتها التي أنجبت فتاة وأفلتت من ختان الإناث الذي كان يسعى أهل زوجها لفرضه.
"أخبرتني جارتي عن برنامج توعية حضرته في مساحة آمنة صديقة للشباب ساعدها في إنقاذ ابنتها من ختان الإناث من خلال إقناع زوجها ووالديه بمخاطر هذه الممارسة."
بناءاً على نصيحة جارتها، زارت صفية المساحة الآمنة الصديقة للشباب التي تحظى بدعم صندوق الأمم المتحدة للسكان. طلبت أخصائية الحالة من صفية إحضار زوجها وحماتها إلى المساحة الآمنة. بعد الكثير من محاولات الإقناع من جانب زوجها، الذي أصيب أيضاً بصدمة نفسية بسبب وفاة طفلته، وافقت حماتها على الزيارة.
"لأكثر من ثلاث ساعات، استمعنا ثلاثتنا إلى الآثار الجسدية والنفسية والاجتماعية المرتبطة بختان الإناث. لقد أدركنا مدى ضرر هذه الممارسة واقتنعنا تماماً بأنه لا ينبغي ممارستها وأنه ينبغي أيضاً إبلاغ الجميع في قريتي بشأن ذلك".
تقول صفية: "بهذه الطريقة وبمساعدة المساحة الصديقة للشباب، أنقذت حياة ابنتي الثانية. بهذا الوعي، أعتقد أنه يمكنني المساعدة في إنقاذ حياة العديد من الفتيات البريئات".
انتشار ختان الإناث في اليمن
لا يزال ختان الإناث / بتر الأعضاء التناسلية للإناث، الذي يُعد انتهاكاً لحقوق الإنسان ، شائعاً في المناطق الساحلية في اليمن. أعلى معدلات الانتشار هي في محافظات المهرة (85٪)، حضرموت (80٪)، الحديدة (62٪)، عدن (22٪).
يشير المسح الديموغرافي والصحي لعام 2013 إلى أن 19 بالمائة من جميع النساء والفتيات في سن 15 – 49 عاماً في اليمن تعرضن لشكل من أشكال تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في اليمن. تحدث 96 بالمائة من الحالات قبل أن تبلغ الفتيات سن الخامسة. من بين كل عشر فتيات تم ختانهن، فإن تسع منهن خضعن لهذه الممارسة خلال الأسبوع الأول من حياتهن.
بالنسبة للفتيات والنساء في سن 15 – 49 عاماً، تم إجراء 85٪ من عمليات ختان الإناث على يد ممارسي الطب التقليدي؛ في حين تم إجراء 13٪ من قبل الممارسين الطبيين.
خلص مسح متعدد القطاعات شمل 646 امرأة و345 رجلاً من ست مناطق في ثلاث محافظات ساحلية يمنية بين يوليو وسبتمبر 2020 أن معدل انتشار ختان الإناث في المناطق الساحلية اليمنية بلغ 89٪ بين النساء و 79.8٪ بين البنات الأصغر سناً في اليمن في الأسر التي شملها المسح. سجل ما يقرب من ثلثي النساء ونصف الرجال مستوى معرفة ضعيف حول أضرار هذه الممارسة.
استجابة صندوق الأمم المتحدة للسكان
يجري تنفيذ البرنامج المشترك بين صندوق الأمم المتحدة للسكان واليونيسيف للقضاء على تشويه الأعضاء التناسلية للإناث في خمس محافظات تشهد ارتفاع معدل انتشار تشويه الأعضاء التناسلية للإناث.
تركز التدخلات على أنشطة التوعية والوقاية من خلال المراكز الصديقة للشباب والمساحات الآمنة للنساء والفتيات التي يديرها صندوق الأمم المتحدة للسكان ومن خلال الإشراك الفعال للزعماء الدينيين وقادة المجتمعات المحلية وغيرهم.
في أغسطس 2023، تم في محافظة حضرموت تنفيذ حملة توعية على مدى ثمانية أيام ركزت على أضرار تشويه الأعضاء التناسلية للإناث في إطار البرنامج المشترك بين صندوق الأمم المتحدة للسكان واليونيسيف للقضاء على تشويه الأعضاء التناسلية للإناث. وصلت الحملة إلى أكثر من 400 شخص، كثير منهم من النساء والفتيات.
في عام 2022 وحده، تم الوصول إلى أكثر من 1,000 امرأة وفتاة من خلال 10 حملات توعية.
* تم تغيير الاسم لأغراض السرية والحماية