أنت هنا

محافظة إب، اليمن

 

تحدثت خلود إلى صندوق الأمم المتحدة للسكان، وكالة الأمم المتحدة المعنية بالصحة الإنجابية، قائلة: "أردت أن أكون قابلة – القابلات يحظين بالاحترام. اعتقدت أن كوني قابلة من شأنه أن يمنحني الحرية لمساعدة وإرشاد النساء الأخريات ليحظين بحياة مُرضية". 

 

بشكل مأساوي، تم استخدام موهبتها وشغفها ضدها لسنوات عديدة. عندما كانت في السادسة من عمرها فقط، تزوج والدها زوجة ثانية – زوجة الأب التي كانت تسيء معاملة الأطفال الثمانية جسدياً ولفظياً.

 

"على الرغم من سوء المعاملة، كنت مصممة على الذهاب إلى المدرسة وإكمال تعليمي. عندما أنهيت دراستي الثانوية، توسلت إلى والدي ليسمح لي بدراسة القبالة. وافق على مضض، على الرغم من سعي زوجة أبي لثنيه عن ذلك".

 

عندما أنهت دراستها، طلب رجل يد خلود للزواج عندما كانت تبلغ من العمر 17 عاماً فقط. تقول خلود: "لم أكن أعرف عنه شيئاً، لكنني وافقت دون تردد للهروب من البيت".

 

كانت خلود تعمل كقابلة في مركز صحي في الجوار. ولكن بعد ثلاث سنوات فقط، اندلع النزاع، مما أدى إلى إغلاق المرفق. 

 

دوامة من سوء المعاملة

 

سرعان ما فقد زوج خلود وظيفته أيضاً، في الوقت الذي كان لديه ثلاثة أطفال ولم يكن لديه أي دخل، وارتفعت مستويات التوتر والقلق في المنزل بصورة سريعة.

 

قالت خلود: "بدأ زوجي يستغلني: أخذ كل أموالي ومقتنياتي وباعها لفتح عيادة صغيرة في القرية".

 

"أجبرني على العمل ليل نهار، دون أن أحظى حتى بفترة راحة لأكون مع أطفالي". بدلاً من ذلك، أصبحت المهنة التي كانت تَعِد بالكرامة والحرية بمثابة كابوس. "كان يُبقي الأطفال في العيادة لأعتني بهم أثناء عملي. لقد أخذ كل دخلي واستمر في الضغط على لكسب المزيد من المال".

 

كانت خلود على وشك الانهيار. "أصبحت مجهدة تماماً، وعندما لم أعد قادرة على العمل، بدأ يهينني ويسبني باستمرار ... وأخيراً وصلت إلى نقطة الانهيار". 

أوصلها والدها بالسيارة في رحلة استغرقت ست ساعات إلى أحد مرافق الصحة النفسية القليلة المتبقية في البلاد في تعز. على الرغم من أن صحتها بدأت في التحسن، إلا أن تكلفة السفر وتكلفة التدخل البالغة 2,000 دولار أمريكي كانت أكثر من أن تتحملها هي أو والدها، واضطرت إلى التوقف عن العلاج في منتصف الطريق.

 

بعد فترة وجيزة، وجدها زوجها وطالبها بالعودة. رضخت في سبيل حماية أطفالها من التعرض للأذى، لكنها قالت: "لقد حطمني الاستغلال المستمر والإذلال. لقد انتهى بي الأمر أسوأ من ذي قبل".

 

خط ساخن للمساعدة

 

لجأت خلود إلى منزل شقيقتها. وعندما سمعن إعلاناً إذاعياً عن الخط الساخن للصحة النفسية الخاص بصندوق الأمم المتحدة للسكان، اتصلت أختها على الفور بالرقم. في اليوم التالي، وصلت خلود إلى مركز للصحة النفسية في إب يحظى بالدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان وممول من الاتحاد الأوروبي. حصلت خلود على الدواء مجاناً وخضعت للعلاج لمدة خمسة أشهر.

 

عندما تعافت، تمت إحالتها إلى مساحة آمنة للنساء والفتيات يديرها صندوق الأمم المتحدة للسكان، والتي قدمت لها، إلى جانب الحماية والمشورة، الدعم القانوني حتى تتمكن من الحصول على الطلاق والمطالبة بحضانة أطفالها.

 

تقول خلود: "عندما تفقد كل الأمل والرغبة في الحياة، ثم يأتيك الفرج فجأة … هكذا أنقذني مركز الصحة النفسية".

 

تبلغ خلود اليوم 28 عاماً، وتعيش هي وأطفالها في منزل صغير استأجرته. استعادت حياتها المهنية كقابلة في مستشفى قريب، وهي وظيفة ساعدها المركز الصحي في تأمينها. يُعد عملها بالغ الأهمية في بلد تموت فيه امرأة أثناء الحمل والولادة كل ساعتين.

 

أخيراً، بعد أن تمكنت خلود من تقديم رعاية القبالة في بيئة آمنة، فإنها تشعر بإحساس متجدد بالهدف. "لقد تحررت أخيراً من الاستغلال والإساءة والإرهاق. الناس يقدرون عملي ويحترمونني".

 

تتزايد احتياجات الصحة النفسية مع تفاقم النزاع

 

ألحق النزاع والحرمان فادح الضرر بملايين اليمنيين، ولا سيما النساء والفتيات. يعاني حوالي 80 بالمائة من السكان من انعدام الأمن الغذائي، في حين أن 21.6 مليون شخص في حاجة إلى مساعدات عاجل.

 

تشير التقديرات إلى أن حوالي 7 ملايين شخص بحاجة إلى الدعم في مجال الصحة النفسية، غير أن 120,000 شخص فقط يستطيعون الوصول دون انقطاع إلى هذه الخدمات. لا يوجد سوى 46 طبيب نفسي في البلاد بأكملها، أي طبيب واحد لكل 700,000 شخص.

 

تفاقم العنف القائم على النوع الاجتماعي إلى حد كبير بسبب النزاع، وفي ظل محدودية خيارات المأوى وانهيار آليات الحماية، تصبح الفتيات عرضة بشكل متزايد للزواج القسري وزواج الأطفال والاتجار بالبشر وعمالة الأطفال.

 

يقود صندوق الأمم المتحدة للسكان خدمات الاستجابة للعنف القائم على النوع الاجتماعي في اليمن، مما يكفل قدرة الناجين على الوصول إلى خدمات الحماية والدعم، والمساعدة الطبية، والرعاية النفسية الاجتماعية المجتمعية حيثما كان ذلك متاحًا.

 

في السنوات الخمس الماضية، أنشأ صندوق الأمم المتحدة للسكان ستة مراكز للدعم النفسي بتمويل من الاتحاد الأوروبي والنرويج والولايات المتحدة. في عام 2023 وحده، تلقى أكثر من 100,000 شخص الدعم النفسي من خلال الخط الساخن والحضور الشخصي في المراكز – أكثر من ثلاثة أرباعهم من الناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي.