أنت هنا

لا تزال الأزمة الإنسانية في اليمن هي الأسوأ في العالم. فقد هوت قرابة أربع سنوات من الصراع والتدهور الاقتصادي الحاد بالبلاد إلى حافة المجاعة. وبات ملايين اليمنيين أشد جوعًا ومرضًا وضعفًا مما كانوا عليه قبل عام.

ويُقدَّر أن 24 مليون شخص – أو أكثر من 80 في المائة من السكان- في حاجة إلى نوع ما من المساعدة أو الحماية، منهم 14.4 مليون في عوز شديد – أي بما يزيد على نحو مليونين عما كان عليه الحال العام الماضي. ويعاني أكثر من 20 مليون شخص من نقص الأمن الغذائي، ما يقرب من 10 ملايين منهم يكابدون مستويات بالغة من الجوع.

وتشير التقديرات إلى أن نحو ستة ملايين من النساء والفتيات في سن الحمل والإنجاب يحتجن إلى الدعم. وبسبب النقص المتزايد في المواد الغذائية تعاني أكثر من مليون امرأة حامل من سوء التغذية، وهو ما يُعرِّض حياة 114,000 امرأة للخطر، من المحتمل أن يصبن بمضاعفات أثناء الولادة، ويشمل ذلك مخاطر تقزُّم الأطفال حديثي الولادة.

ونحو نصف المنشآت الصحية لا تعمل أو تعمل بشكل جزئي فقط بسبب نقص العاملين، وقلة الإمدادات والمستلزمات، والعجز عن تغطية تكاليف التشغيل، أو صعوبة الوصول إليها. والمعدات والأجهزة والمستلزمات الطبية غير كافية أو عفَّى عليها الزمن. والعاملون الصحيون الذين لم يتلقوا أجورهم منذ أكثر من عامين، أو تدفع لهم بشكل غير منتظم، غادروا اليمن، ولم يبقَ سوى 10 عاملين صحيين لكل 10,000 شخص، وهو ما يُعد أقل من الحد الأدنى الذي تضعه منظمة الصحة العالمية.

وفي بلد يشهد أحد أعلى معدلات الوفيات بين الأمهات في المنطقة العربية، يُنذِر نقص الغذاء، وسوء التغذية، وانحدار الرعاية الصحية التي ازدادت تدهورًا من جراء أوبئة مثل الكوليرا بزيادة المواليد المبتسرين أو ناقصي الوزن وحالات النزيف الحاد بعد الولادة.

ونزح ما يصل إلى 4.3 مليون شخص في السنوات الثلاث الماضية، وما زال نحو 3.3 مليون شخص من النازحين. وحوالي نصف النازحين نساء، 27 في المائة منهن دون الثامنة عشرة من العمر. وآليات التكيُّف التي يعتمدن عليها استنفدت أقصى إمكاناتها، وهن أشد الناس تضررًا كما هي الحال غالبًا في الأزمات الإنسانية.

ومع قلة خيارات الإيواء المتاحة، تعاني النساء والفتيات النازحات في العادة أشد المعاناة من جراء الافتقار إلى الخصوصية، والتهديدات لسلامتهن، وقلة فرص الحصول على الخدمات الأساسية، وهو ما يجعلهن أكثر ضعفًا وعرضةً للعنف والإساءة منذ أي وقت مضى. تزداد احتمالات فقد الفتيات النازحات لإمكانية الالتحاق بالمدارس، لأن الأسر التي تعاني قلة الموارد لا تعطي أولوية لحقهن في التعليم.

ويزيد فقدان الرجل عائل الأسرة لأسباب تتصل بالصراع من الأعباء الاقتصادية التي تواجهها النساء، لا سيما في حالة الأسر التي تعولها نساء، وتقل أعمار الفتيات اللاتي يقمن بإعالة 21 في المائة من هذه الأسر عن 18 عامًا. وتشتد الضغوط أكثر حينما تجد النساء أو الفتيات أنفسهن مسؤولات عن إعالة أسرهن، لكن هن أنفسهن حُرِمن من التعليم الأساسي أو التدريب المهني الذي يُمكِن أن يؤهلهن لخوض سوق العمل. وفي غياب تمكين ودعم كافيين، تصبح النساء والفتيات معرَّضات للقبول بإستراتيجيات تكيُّف سلبية مثل زواج القُصَّر وتشغيل الأطفال.